وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير: لما انطوت سورة الحاقة على أشد وعيد وأعظمه أتبعت بجواب من استبطأ ذلك واستبعده إذ هو مما يلجأ إليه المعاند الممتحن، فقال تعالى: ﴿سأل سائل بعذاب واقع﴾ [المعارج: ١] إلى قوله ﴿إنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً﴾ [المعارج: ٦ و٧] ثم ذكر حالهم إذ ذاك ﴿يوم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه﴾ [المعارج: ١١] الآية، ثم أتبع بأن ذلك لا يغني عنه ولا يفيده ﴿إنها لظى﴾ [المعارج: ١٥] ثم ختمت السورة بتأكيد الوعيد وأشد التهديد ﴿فذرهم يخوضوا ويلعبوا﴾ [المعارج: ٤٢] إلى قوله ﴿ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون﴾ [المعارج: ٤٤] ذلك يوم الحاقة ويوم القارعة - انتهى.
ولما كان كونه تعالى، بما تقدم في العظمة، أمراً معلوماً بما له من الآثار من هذا الكون وما فيه، وكان استبعادهم لما أخبر به أمراً واهياً ضعيفاً سفسافاً لا يكاد يصدق أن أحداً يحاول أن يرد به هذه الأمور التي هي في وضوحها كالشمس لا خفاء بها أصلاً ولا لبس قال مؤكداً: ﴿إنهم﴾ أي الكفار المكذبين المستعجلين ﴿يرونه﴾ أي ذلك اليوم الطويل أو عذابه ﴿بعيداً *﴾ أي زمن وقوعه، لأنهم يرونه غير ممكن أو يفعلون أفعال من يستبعده ﴿ونراه﴾ لما لنا من العظمة التي قضت بوجوده وهو علينا هين ﴿قريباً *﴾ سواء أريد بذلك قرب الزمان أو قرب المكان، فهو هين على قدرتنا وهو آت