كانوا ينكرونه في أنفسهم في كل لحظة.
ولما كان الخلاص غير ممكن من الداعي القادر على الإحضار كنى عن إحضارها إياهم وجذبها لهم بقوله: ﴿تدعوا﴾ ويجوز أن يكون ذلك حقيقة فتقول في الدعاء في نفسها: إليّ يا مشرك إليّ يا منافق، ونحو ذلك ثم تلتقطهم التقاط الطير للحب ﴿من﴾ أي كل شخص ﴿أدبر﴾ أي من الجن والإنس أي من وقع منه إدبارهما من حقه الإقبال عليه سواء كان ذلك الإدبار عنها أو عن الأعمال التي من شأنها التنجية منها، ولما كان الإدبار قد يكون عن طبع غالب فيكون صاحبه في عداد من يعذر، بين أن الأمر ليس كذلك فقال: ﴿وتولى *﴾ أي كلف فطرته الأول المستقيمة الإعراض عن أسباب النجاة.
ولما كانت الدنيا والآخرة ضرتين، فكان الإقبال على إحداهما دالاً على الإعراض عن الأخرى، قال دالاً على إدباره بقلبه: ﴿وجمع﴾ أي كل ما كان منسوباً إلى الدنيا.
ولما كانت العادة جارية بأن من كانت الدنيا أكبر همه كان همه بجمعه الاكتناز لا الإنفاق، سبب عن جمعه قوله: ﴿فأوعى *﴾ أي جعل ما جمعه في وعاء وكنزه حرصاً وطول أمل ولم يعط حق الله فيه، فكان همه الإيعاء لا إعطاء ما وجب من الحق إقبالاً على الدنيا