ما يشرح صدرك بدل ما يعمل هؤلاء من الهزء والتصفيق والصفير وكل ما يضيق به صدرك، وقد فعل ذلك سبحانه بالمهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان بالسعة في الرزق بأخذ أموال الجبارين من كسرى وقيصر، والتمكن في الأرض حتى كانوا ملوك الدنيا مع العمل بما يوجب لهم ملك الآخرة، فرجوا الكرب عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبذلوا في مرضاته الأنفس والأموال.
ولما كان الإنسان قد يفعل شيئاً ثم ينقض عليه، أخبر أنه سبحانه على غير ذلك فقال: ﴿وما﴾ وأكد الأمر بالأسمية الكائنة في مظهر العظمة فقال: ﴿نحن﴾ وأعرق في النفي فقال: ﴿بمسبوقين *﴾ أي من سابق ما يغلب على شيء لم نرده بوجه من الوجوه، ولذلك أتى باسم المفعول.
ولما ثبت أن له سبحانه العظمة البالغة الباهرة من شمول العلم وتمام القدرة، فأنتج اعتماد أهل حزبه عليه وإعراضهم عن كل ما سواه، سبب عن ذلك قوله تهديداً للمخالفين وتسلية للمؤالفين: ﴿فذرهم﴾ أي اتركهم ولو على أسوأ أحوالهم ﴿يخوضوا﴾ أي يفعلوا في مقالهم وفعالهم الذي لا شيء منه على إتقان بل هو كفعل الخائض في الماء الذي لا يضع رجله في موضع يعلم أنه يرضيه، فهو بصدد أن