قد طال نصحه لهم وبلاؤه بهم، نبه على ذلك بقوله مستأنفاً: ﴿قال﴾ منادياً لمن أرسله لأنه تحقق أن لا قريب منه غيره، وأسقط أداة النداء كما هي عادة أهل القرب فقال: ﴿رب﴾ ولما كانت العادة جارية بأن التكرار لا بد أن يؤثر ولو قليلاً، فكانت مخالفتهم لذلك مما هو أهل لأن يشك فيه، قال مؤكداً إظهاراً لتحسره وحرقته عليه الصلاة والسلام منهم في تماديهم في إصرارهم على على التكذيب شكاية لحاله إلى الله تعالى واستنصاراً به واستمطاراً للتنبيه على ما يفعل به بذله الجهد وتنبيهاً لمن يقص به عليهم هذا وإن كان المخاطب سبحانه عالماً بالسر وأخفى: ﴿إني دعوت﴾ أي أوقعت الدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ﴿قومي﴾ أي الذين هم جديرون بإجابتي لمعرفتهم بي وقربهم من وفيهم قوة المحاولة لما يريدون.
ولما كان قد عم جميع الأوقات بالدعاء قال: ﴿ليلاً ونهاراً *﴾ فعبر بهذا عن المداومة.
ولما تسبب عن ذلك ضد المراد قال: ﴿فلم يزدهم دعاءي﴾ أي شيئاً من أحوالهم التي كانوا عليها ﴿إلا فراراً *﴾ أي بعداً عنك ونفوراً وبغضاً وإعراضاً حتى كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة، وأسند


الصفحة التالية
Icon