إلى ذلك، وأنها عزمة إن قصروا فيها عن الأجابة عوقبوا، فلما أصروا جمع بين السر والعلن، فلما تمادوا وطال الأذى شكى، وعلى هذا فثم لبعد الرتب لا للترتيب في الزمان، ويمكن كونها للترتيب لأن الجهر أبعد عن الاتهام ثم الإعلان بعده أزيد بعداً.
ولما أخبر بأنه بالغ في الدعوة إلى حد لا مزيد عليه، فلم يدع من الأوقات ولا من الأحوال شيئاً، سبب عنه بيان ما قال في دعوته وهو التسبب في السعادة كلها بدفع المضار وجلب المسار، فقال مقدماً لطلب الغفران بالتوبة عن الكفر ليظهروا فيكونوا قابلين للتحلية بالمحاسن الدينية بعد التخلية عن الأخلاق الدنية: ﴿فقلت﴾ أي في دعائي لهم: ﴿استغفروا ربكم﴾ أي اطلبوا من المحسن إليكم، المبدع لكم، المدبر لأموركم، أن يمحو ذنوبكم أعيانها وآثارها، بالرجوع عن عبادة غيره إلى الإخلاص في عبادته.
ولما ذكر أنه استعطفهم أولاً ببيان أن رجوعهم ممكن، لئلا يقولوا: إنا قد بالغنا في المعاصي فلا نقبل، وأعلمهم أن الاستغفار باب الدخول إلى طاعة الجبار، أكد ذلك الاستعطاف بقوله معللاً للأمر ولجوابه بنحو: يغفر لكم، مؤكداً لأجل توقفهم: ﴿إنه كان﴾ أي أزلاً وأبداً ودائماً سرمداً ﴿غفاراً *﴾ أي متصفاً بصفة


الصفحة التالية
Icon