كما هي عادة كل أحد مع من تحت يده، فتوقروا رسله بتصديقهم فتؤمنوا وتعملوا، فإن من أراد من أحد أنه يوقره وقره وعظمه ليجازيه على ذلك، فإن الجزاء من جنس العمل، وذلك إنما يكون بمعرفة الله بما له من الجلال والجمال، والخلق إنما تفاضلوا بالمعرفة بالله، لا بالأعمال، إنما سبق أبو بكر رضي الله عنه الناس بشيء وقر في صدره، فإن بالمعرفة تزكو الأعمال وتصلح الأقوال، وإنما يصح تعظيمه سبحانه بأن لا ترى لك عليه حقاً، ولا تنازع له اختياراً، وتعظم أمره ونهيه، بعدم المعارضة بترخيص جاف أو تشديد غال أو حمل على توهم الانقياد، وتعظم حكمه بأن لا تبغي له عوجاً ولا تدافعه بعلم، ولا ينبغي له غرض وعلة، ولأجل أن المطلوب تحصيل الأعمال التي هي أسباب ظاهرية، عبر بالرجاء ليسرهم بأن أعمالهم مؤثرة، وعبر بالطمع في غير هذه الآية تنبيهاً على أنه لا سبب في الحقيقة إلا رحمة الله لحال دعاء إلى ذلك.
ولما كان هذا إشارة إلى الاستدلال على البعث بما يعلمونه من أنفسهم صرح بعد ما لوح، فقال آتياً بحرف التوقع لأنه مقامه: ﴿وقد﴾ أي والحال أنه قد أحسن إليكم مرة بعد مرة بما لا يقدر عليه غيره، فدل ذلك على تمام قدرته، ثم لم يقطع إحسانه عنكم فاستحق أن تؤمنوا


الصفحة التالية
Icon