بالأنفس لأنها مع شرفها أقرب منظور إليه لهم، وثنى بالعلوي لأنه يليها في الشرف ووضوح الآيات، فقال: دالاًّ على القدرة على البعث والجزاء بالثواب والعقاب: ﴿ألم تروا﴾ أي أيها القوم.
ولما كان تأمل الكيفيات يحتاج إلى دقة وتوقف على عجائب ولطائف تؤذن قطعاً بأن فاعلها لا يعجزه شيء، وقال منكراً عليهم عدم التأمل: ﴿كيف خلق الله﴾ أي الذي له العلم التام والقدرة البالغة والعظمة الكاملة ﴿سبع سماوات﴾ هي في غاية العلو والسعة والإحكام والزينة، يعرف كونها سبعاً بما فيها من الزينة.
ولما كانت المطابقة بين المتقابلات في غاية الصعوبة لا يكاد يقدر عليها من جميع الوجوه أحد، قال: ﴿طباقاً *﴾ أي متطابقة بعضها فوق بعض وكل واحدة في التي تليها محيطة بها «ما لها من فروج» لا يكون تمام المطابقة إلا كذلك بالإحاطة من كل جانب.
ولما كان المحيط لا يتوصل إلى داخله إلى محيط العلم والقدرة، قال دالاًّ على كمال قدرته وتصرفه معبراً بالجعل الذي يكون عن تصيير وتسبيب: ﴿وجعل القمر﴾ أي الذي ترونه وهو في السماء الدنيا، وبدأ به لقربه وسرعة حركته وقطعه جميع البروج في كل شهر مرة وغيبته في ليالي السرار ثم ظهوره، وذلك أعجب في القدرة.