أي الراسخين في الكفر الذي هو كان لهم جبلة وطبعاً ﴿دياراً *﴾ أي أحداً يدور فيها، وهو من ألفاظ العموم التي تستعمل في النفي العام فيقال من الدور أو الدار لا فعّال، وإلا لكان دواراً، ويجوز - وهو أقرب - أن يكون هذا الدعاء عند ركوبه السفينة وابتداء الإغراق فيهم، يريد به العموم كراهية أن يبقى أحد منهم على ذروة جبل أو نحوه، لا أصل الإغراق، وأن يكون معنى ما قبله الحكم بإغراقهم وتحتم القضاء به أو الشروع فيه.
ولما كان الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يقولون ولا يفعلون إلا ما فيه مصلحة الدين، علل دعاءه بقوله وأكده إظهاراً لجزمه باعتقاد ما أنزل عليه من مضمون قوله تعالى: ﴿إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن﴾ [هود: ٣٦] وإن كان ذلك خارجاً عن العادة: ﴿إنك﴾ أي يا رب ﴿إن تذرهم﴾ أي تتركهم على أي حالة كانت في إبقائهم سالمين على وجه الأرض على ما هم عليه من الكفر والضلال والإضلال ولو كانت حالة دنية ﴿يضلوا عبادك﴾ أي الذين آمنوا بي والذين يولدون على الفطرة السليمة.