له مزية تكريمهم، وهم الجن ممن سبقت لهم من الله الحسنى فآمنوا وصدقوا، وأمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإخبار بذلك، فأنزل الله تعالى عليه ﴿قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن﴾ [الجن: ١] الآيات إلى قوله إخباراً عن تعريف الجن سائر أخوانهم بما شاهدوه من عناد كفار العرب «وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً» ثم استمرت الآي ملتحمة المعاني معتضدة المباني إلى آخر السورة - انتهى.
ولما بينوا فضله من جهة الإعجاز وغيره، بينوا المقصود بالذات الدال على غوصهم على المعاني بعد علمهم بحسن المباني فقالوا: ﴿يهدي﴾ أي يبين غاية البيان مع الدعاء في لطف وهدى ﴿إلى الرشد﴾ أي الحق والصواب الذي يكاد يشرد لثقله على النفوس الداعية إلى الهوى وخفة ضده الغي والسفة الملائم لنقائص النفوس. ولما وصفوه بهذه الكمالات سببوا عن ذلك قولهم إعمالاً للقوة العملية في المبادرة إلى الصواب من غير تخلف أصلاً: ﴿فآمنا﴾ أي كل من استمع منا لم يتخلف منا أحد ولا توقف بعد الاستماع ﴿به﴾ أي أوقعنا الأمان لمبلغ القرآن أن نكذبه أو نخالفه أدنى مخالفة بسبب هذا القرآن.
ولما أخبروا عن الماضي، وكان الإيمان لا يفيد إلا مع الاستمرار،