﴿أن﴾ أي أن الشأن العظيم، وزادوا في التأكيد لما تقدم فقالوا: ﴿لن نعجز الله﴾ أي أن نقاومه إن أراد بنا سواءاً لما له من الإحاطة بكل شيء علماً وقدرة لأنه واحد لا مثل له، ودلوا على وجه الضعف بقولهم: ﴿في الأرض﴾ أي كائنين فيها مقيمين وهي جهة السفل الملزومة للقهر، وذلك أقصى جهدنا فأين نحن من سعة ملكه الذي هو في قبضته ﴿ولن نعجزه﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿هرباً *﴾ أي ذوي هرب أو من جهة الهرب، أي هربنا من الأرض إلى غيرها فإن السماء منعت منا وليس لنا مضطرب إلا في قبضته، فأين أم إلى أين المهرب، وقد منعوا بذلك وجهي النجاة باللقاء والنصر والهرب عند القهر.
ولما كان الظانّ قد يبادر على العمل بموجب ظنه وقد لا، بينوا أن مرادهم به العلم، وأنهم بادروا إلى العمل بما دعا إليه، فقالوا مؤكدين لما للجن من الإباء والعسر: ﴿وإنا لما سمعنا﴾ أي من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿الهدى﴾ أي القرآن الذي له من العراقة التامة في صفة البيان والدعاء إلى الخير ما سوغ أن يطلق عليه نفس الهدى: ﴿آمنا به﴾ أي من غير وقفة أصلاً عملاً بما له من هذا الوصف العظيم.