فطماً لمن ربما اعتقد - لكثرة ما يرى من الكرامات - أنه مهما أراده فعله الله له: ﴿إني لا أملك﴾ أي الآن ولا بعد ﴿لكم﴾ بنفسي من غير إقدار الله لي لأنه لا مؤثر في شيء من الأشياء إلا الله سبحانه وتعالى.
ولما كان المقام لدفع شرهم عنه، قال: ﴿ضراً﴾ فأفهم ذلك «ولا نفعاً ولا غياً» ﴿ولا رشداً *﴾ أي صواباً وسداداً. فالآية من الاحتباك وهو ظاهر على هذا التقدير، قال أبو حيان: فحذف من كل ما يدل مقابله عليه - انتهى. ويجوز أن يكون تقديره: لا أملك ضراً لأني لا أملك لكم إضلالاً ولا أملك لكم رشداً فلا أملك لكم نفعاً، فإنه لا نفع في غير الرشاد، ولا ضر في غير الضلال، فقبح الله ابن عربي الطائي الذي يقول في فصوصه: إن الضلال أهدى من الهدى، فلا أسخف عقلاً منه إلا من تبعه - عليهم لعنة الله وخزيه، فإن قالوا: إنه أراد غير ما يفهم من ظاهر اللفظ فقل: كذبتم فقد بين مراده إطباقكم على الفسق والفجور لا يكاد يجد منكم من يتهم بمذهبه وهو يتقيد بشرع، ولم تخرج الآية بهذا عن الاحتباك، فإن ذكر الضر أولاً دل على حذف النفع ثانياً، وذكر الرشد ثانياً دل على حذف الضلال أولاً.