قرب ﴿أم﴾ بعيد ﴿يجعل له﴾ أي لهذا الوعي. ولما كان التأخير ربما أفهم تهاوناً بالولي. فقال دافعاً لذلك: ﴿ربي﴾ أي المحسن إليّ إن قدمه أو أخره ﴿أمداً *﴾ أي أجلاً مضروباً عظيماً بكل اعتبار حتى في البعد لا يتأتى مع ذلك أن يكون الآن ولا أن يتوقع دون ذلك الأمد، فهو في كل حال متوقع فكونوا على غاية الحذر لأنه لا بد من وقوعه فوقوعه لا كلام فيه، وإنما الكلام في تعيين وقته.
ولما نفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمه عن نفسه الشريفة، نفى ذلك عن غيره على وجه عام لجميع الغيب جالٍ من عظمة مرسله ما تنقطع دونه الأعناق فقال واصفاً له: ﴿عالم الغيب﴾ أي كله وهو ما لم يبرز إلى عالم الشهادة فهو مختص سبحانه بعلمه، فلذلك سبب عنه قوله: ﴿فلا يظهر﴾ أي بوجه من الوجوه في وقت من الأوقات ﴿على غيبه﴾ أي الذي غيبه عن غيره فهو مختص به ﴿أحداً *﴾ لعزة علم الغيب ولأنه خاصة الملك. ولما كان لا يعلم الغيب إلا ببروزه على عالم الشهادة، وكان لأول من يطلع عليه شرف ينبغي أن يعرف له قال: ﴿إلا من ارتضى﴾ أي عمل الله تعالى في كونه رضي عمل من يتعمد ذلك ويجتهد فيه، وبين «من» بقوله: ﴿من رسول﴾ أي من الملائكة ومن الناس فإنه يظهر عليه ذلك المرتضى الموصوف


الصفحة التالية
Icon