﴿رسالات ربهم﴾ أي الذي أوجدهم ودبر جميع أمورهم واختارهم لرسالاته على ما هي عليه لم يشبها شائبة ولا لحقها غبر. ولما كان هذا ربما أوهم أنه محتاج في الحفظ إلى الرصد أزال ذلك بقوله: ﴿وأحاط﴾ أي فعل ذلك والحال أنه قد أحاط ﴿بما لديهم﴾ أي الرسل والمرسل إليهم من الملائكة والبشر على أدق الوجوه وأعظمها وأغربها بما أشار إليه التعبير بلدى، ولما كان هذا كافياً في المقصود، لكنه قاصر على محل الحاجة عم تعريفاً بالأمر على ما هو عليه، فقال حاملاً على شدة الوثوق بما تقوله الرسل عن ربهم وأنه لا لبس فيه ولا غائلة بوجه، مبيناً غاية البيان كذب حديث الغرانيق الذي ذكره بعض المفسرين وغيرهم في سورة والنجم: ﴿وأحصى﴾ أي الله سبحانه وتعالى ﴿كل شيء﴾ أي على العموم من غير استثناء أصلاً ﴿عدداً *﴾ أي من جهة العدد لكل ما يمكن عده ولو على أقل مقادير الذر فيما لم يزل وفيما لا يزال، فهو دليل قاطع على علمه تعالى بالجزئيات كعلمه بالكليات، وقد التقى أول السورة وآخرها وباطنها الغيبي وظاهرها، فدل آخرها على الأول المجمل، وأولها على الآخر المفصل، وذلك أن أول السورة بين عظمة الوحي بسبب الجن، ثم بين في أثنائها حفظه من مسترقي السمع، وختم بتأكيد حفظه وحفظ جميع كلماته واستمر في تأكيد أمره


الصفحة التالية
Icon