من غير نفع أصلاً ﴿كمثل﴾ أي مِثَّل مَثَل ﴿الحمار﴾ الذي هو أبله الحيوان، فهو مثل في الغباوة، حال كونه ﴿يحمل أسفاراً﴾ أي كتباً من العلم كاشفة للأمور تنفع الألباء، جمع سفر، وهو الكتاب الكبير المسفر عما فيه.
ولما كان المثل الجامع لهما - وهو وجه الشبه - شخصاً مثقلاً متعباً جداً بشيء لا نفع له به أصلاً فهو ضرر عليه صرف لا يدرك ما هو حامله غير أنه متعب ولا يدري أصخر هو أم كتب، أنتج قوله معبراً بالأداة التي هي لجامع الذم ترهيباً للآدميين من أن يتهاونوا بشيء من أحكام القرآن فيكونوا أسوأ مثلاً من أهل الكتاب فيكونوا دون الحمار لأن رسولهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعظم وكتابهم أعلى وأفخم فقال: ﴿بئس مثل القوم﴾ أي الذين لهم قوة شديدة على محاولة ما يريدونه فلم يؤتوا من عجز يعذرون به ﴿الذين كذبوا﴾ أي عمدوا على علم عناداً منهم وكفراً ﴿بآيات الله﴾ أي دلالات الملك الأعظم على رسله ولا سيما محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجميع ما يرضيه مثلهم فإن مثلهم قد تكفل بتعريف أنهم قد اجتمعوا مع الحمار في وصف هو الروح الباطني، وهو الضرر الصرف الذي لا نفع فيه بوجه بأنفع الأشياء، وهو ما دل على الله فضمن سعادة الدارين، وهذا المثل وإن كان نصاً