أحد فقال: ﴿إن الموت﴾ وزاد في التقريع والتوبيخ بقوله: ﴿الذي تفرون منه﴾ أي بالكف عن التمني الذي هو أيسر ما يكون مع أنه يوصلكم إلى تكذيب من أنتم جاهدون في تكذيبه، وأكد وقوعه بهم لأن عملهم عمل من هو منكر له، وربطه بالفاء جعلاً لفرارهم كالسبب له، فإن الجبن من أسباب الموت مع ما يكسب من العار كما قال: «إن الجبان حتفه من فوقه» أي هو غالب عليه غلبة العالي على السافل فقال: ﴿فإنه ملاقيكم﴾ أي مدرككم في كل وجه سلكتموه بالظاهر أو الباطن.
ولما كان الحبس في البرزخ أمراً - مع أنه لا بد منه - مهولاً، نبه عليه وعلى طوله بأداة التراخي فقال: ﴿ثم تردون﴾ ونبه بالبناء للمفعول على القهر منه سبحانه والصغار منهم وأنه عنده في غاية السهولة ﴿إلى عالم الغيب﴾ وهو كل ما غاب عن العباد فهو مخبر عن أخلاقكم عن علم. ولما كان بعض الفلاسفة يقر بعلمه تعالى بالكليات، وينكر علمه بالجزئيات قال: ﴿والشهادة﴾ وهي كل ما ظهر وتشخص ولو لواحد من الخلق قبل كونه وبعد كونه. ولما كان التوقيف على الأعمال فظيعاً مرجفاً، قال مسبباً عن الرد: ﴿فينبئكم﴾ أي يخبركم إخباراً عظيماً مستقصى مستوفى ﴿بما كنتم﴾ أي بما هو لكم كالجبلة


الصفحة التالية
Icon