بالعمى عن الآيات الظاهرات، وثانياً عن الإخبار بأسرارهم، وخفي مكرهم وأخبارهم، وفي عدم صرفهم عما هم عليه من قبح السرائر وسوء الضمائر بتعكيس مقاصدهم، وتخييب مصادرهم في مكرهم ومواردهم، دل على ذلك بقوله: ﴿أنّى﴾ أي كيف ومن أيّ وجه ﴿يؤفكون *﴾ أي يصرفهم عن إدراك قبح ما هم عليه صارف ما كائناً ما كان ليرجعوا عنه إلى حسن الدين والأنس به وإدراك بركته وعظيم أثره.
ولما كان هذا أمراً عظيماً قاطعاً عن الله ورسوله فيحتاج فاعله حاجة شديدة إلى التطهير وهو جدير بعظمه أن لا يطهره غاية الطهر إلا سؤال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكانوا لم يفعلوا ذلك، دل على سوء بواطنهم وغلظ أكبادهم وأنهم كالخشب المسندة في أنهم لا ثمرة لهم ولا زكاء أصلاً بقوله: ﴿وإذا قيل لهم﴾ أي من أيّ قائل كان: ﴿تعالوا﴾ أي ارفعوا أنفسكم مجتهدين في ذلك بالمجيء إلى أشرف الخلق الذي لا يزال مكانه عالياً لعلو مكانته ﴿يستغفر لكم﴾ أي يطلب الغفران لأجلكم خاصة بعد أن تتولوا من ذنبكم من أجل هذا الكذب الذي أنتم مصرون عليه. ولما تقدم عاملان، أعمل الثاني منهما