لا يتجدد لهم فهم أصلاً لأن البهائم إذا رأت شيئاً ينفعها يوماً ما في مكان طلبته مرة أخرى، وهؤلاء رأوا غير مرة ما أخرج الله من خوارق البركات على يد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم ينفعهم ذلك، فمن رأى أن رزقه بيد الخلق فألهاه ذلك عن الله حتى ضيع حقوقه وداهن في دينه فقد برئ من القرآن، ودل على عدم فقههم بقوله تعالى: ﴿يقولون﴾ أي يوجدون هذا القول ويجددونه مؤكدين له لاستشعارهم بأن أكثر قومه ينكره: ﴿لئن رجعنا﴾ أي نحن أيتها العصابة المنافقة من غزاتنا هذه - التي قد رأوا فيها من نصرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يعجز الوصف وهي غزوة بني المصطلق حي من هذيل بالمريسيع وهو ماء من مياههم من ناحية قديد إلى الساحل وفيها تكلم ابن أبي بالإفك وأشاعه - ﴿إلى المدينة﴾ ودلوا على تصميمهم على عدم المساكنة بقولهم: ﴿ليخرجن الأعز﴾ يعنون أنفسهم ﴿منها الأذل﴾ وهم كاذبون في هذا، لكنهم تصوروا لشدة غباوتهم أن العزة لهم وأنهم يقدرون على إخراج المؤمنين ﴿ولله﴾ أي والحال أن كل من له نوع بصيرة يعلم أن للملك الأعلى الذي له وحده عز الإلهية ﴿العزة﴾ كلها، فهو قهار لمن دونه وكل ما عداه دونه.


الصفحة التالية
Icon