لا يشوبه نقص، وكذا كان أمره تكويناً لا إباء معه ولا كلفة، فإن نفسه المطمئنة هي الغالبة ولها السلطان الأكبر، ولأجل تضارر الدارين وكونهم يحبون العاجلة قال: ﴿وتذرون﴾ أي يتركون على أي وجه كان ولو أنه غير مستحسن ﴿الآخرة *﴾ لانهم يبغضونها لارتكابهم ما يضربهم فيها، وجمع الضمير وإن كان مبنى الخطاب مع الإنسان نظراً نظراً للمعنى إشارة إلى أنه لا يسلم من العجلة المذمومة إلا أفراد حفظهم الله بقدرته الباهرة، والآية من الاحتباك: ذكر الحب أولاً دليلاً على البغض ثانياً، والترك ثانياً دليلاً على الإقبال والأخذ أولاً، فأنفسهم اللوامة تلومهم على التقصير في الشر كما أن نفسك تحثك على الازدياد من الخير والمبادرة إليه، فنعم النفس هي ولتعلين مقامها، وأما أنفسهم فإنها تحثهم لأجل اللوم على التقصير في الشر على الإخلاد إلى العاجل الفاني والإقلاع عن الباقي لكونه غائباً فبئس الأنفس هي.
ولما ذكر الآخرة التي أعرضوا عنها، ذكر ما يكون فيها بياناً بجهلهم وسفههم وقلة عقلهم، ترهيباً لمن أدبر عنها وترغيباً لمن أقبل عليها لطفاً بهم ورحمة لهم فقال: ﴿وجوه﴾ أي من المحشورين وهم جميع الخلائق ﴿يومئذ﴾ أي إذ تقوم القيامة ﴿ناضرة *﴾ من