شفاء لعيّ هذا السؤال وبياناً لنعمة الإمداد: ﴿إنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿هديناه﴾ أي بينا له لأجل الابتلاء ﴿السبيل﴾ أي الطريق الواضح الذي لا طريق في الحقيقة غيره، وهو طريق الخير الذي من حاد عنه ضل، وذلك بما أنزل من الكتب وأرسلنا من الرسل ونصبنا من الدلائل في الأنفس والآفاق، وجعلنا له من البصيرة التي يميز بها بين الصادق والكاذب وكلام الخلق وكلام الخالق والحق والباطل وما أشبهه.
ولما كان الإنسان عند البيان قد كان منه قسمان، وكان السياق لبيان تعظيمه بأنه خلاصة الكون والمقصود من الخلق، قال بانياً حالاً من ضميره في «هديناه» مقسماً له مقدماً القسم الذي أتم عليه بالبيان نعمة الهداية بخلق الإيمان، لأن ذلك أنسب بذكر تشريفه للإنسان، بجعله خلاصة الوجود وبقوله: «إن رحمتي سبقت غضبي» في سياق ابتداء الخلق، معبراً باسم الفاعل الخالي من المبالغة، لأنه لا يقدر أحد أن يشكر جميع النعم، فلا يسمى شكوراً إلا بتفضل من ربه عليه: ﴿إما شاكراً﴾ أي لإنعامه ربه عليه.
ولما كان الإنسان، لما له من النقصان، لا ينفك غالباً عن كفر ما، أتى بصيغة المبالغة تنبيهاً له على ذلك معرفاً له أنه لا يأخذه إلاّ


الصفحة التالية
Icon