للكافر الذي استعد بالهبوط في دركات المخالفات إلى التقيد بالسفليات لنزل من حميم وتصلية جحيم، مقدماً للعاصي لأن طريق النشر المشوش أفصح، وليعادل البداءة بالشاكر في أصل التقسيم ليتعادل الخوف والرجاء، وليكون الشاكر أولاً وآخراً، ولأن الانقياد بالوعيد أتم لأنه أدل على القدرة لا سيما في حق أهل الجاهلية الذين بعدت عنهم معرفة التكاليف الشرعية، وأكثر في القرآن العظيم من الدعاء بالترغيب والترهيب لأنه الذي يفهمه الجهال الذين هم أغلب الناس دون الحجج والبراهين، فإنها لا يفهمها إلا الخواص، وأكد لأجل تكذيب الكفار: ﴿إنا﴾ أي على ما لنا من العظمة ﴿أعتدنا﴾ أي هيأنا وأحضرنا بشدة وغلظة ﴿للكافرين﴾ أي العريقين في الكفر خاصة، وقدم الأسهل في العذاب فالأسهل ترقياً فقال: ﴿سلاسلاً﴾ يقادون ويرتقون بها، وقراءة من نوّن مشيرة إلى أنها عظيمة جداً، وكذا وقف أبي عمرو عليه بالألف مع المنع من الصرف ﴿وأغلالاً﴾ أي جوامع تجمع أيديهم إلى أعناقهم فيها فيهانون بها ﴿وسعيراً *﴾ أي ناراً حامية جداً شديدة الاتقاد.
ولما أوجز في جزاء الكافر، أتبعه جزاء الشاكر وأطنب فيه