الله سبحانه وتعالى قد منَّ علينا بأن جعل العبادة لأجل خوفه ورجائه لا يقدح في الإخلاص، عللوا قولهم هذا على وجه التأكيد بقولهم: ﴿إنا نخاف﴾ ولما كان الخوف من المحسن بالنظر إلى إحسانه موجباً للخوف منه بالنظر إلى عزه وجبروته وسلطانه من باب الأولى قالوا: ﴿من ربنا﴾ أي الخالق لنا المحسن إلينا ﴿يوماً﴾ أي أهوال يوم هو - في غاية العظمة، وبينوا عظمته بقولهم: ﴿عبوساً﴾ أي ضيقاً - قاله ابن عباس رضي الله عنهما، نسبوا العبوس إليه لأنه في شدته كالأسد الغضوب، فهو موجب لعبوس الوجوه فيه أو هو لعبوس أهله ك «ليله قائم ونهاره صائم وعيشة راضية» ﴿قمطريراً *﴾ أي طويلاً - قاله ابن عباس رضي الله عنهما، أو شديد العبوس مجتمع الشر كالذي يجمع ما بين عينيه - مأخوذ من القطر لأن يومه يكون عابساً، وزيد فيه الميم وبولغ فيه بالصيغة، وهو يوم القيامة، يقال: اقمطر اليوم فهو مقمطر - إذا كان صعباً شديداً.
ولما كان فعلهم هذا خالصاً لله، سبب عنه جزاءهم فقال مخبراً أنه دفع عنهم المضار وجلب لهم المسار: ﴿فوقاهم الله﴾ أي الملك الأعظم بسبب خوفهم ﴿شر ذلك اليوم﴾ أي العظيم، وأشار إلى نعيم الظاهر بقوله: ﴿ولقّاهم﴾ أي تلقية عظيمة فيه وفي غيره ﴿نضرة﴾


الصفحة التالية
Icon