تقدم من الإفادة، فكأنه منون، ووقف أبو عمرو على الأول بالألف مع المنع من الصرف لأن ذلك كاف في الدلالة على أنه رأس آية.
ولما كان الإنسان لا يجب أن يكون الإناء ولا ما فيه من مأكول أو مشروب زائداً عن حاجته ولا ناقصاً عنها قال: ﴿قدروها﴾ أي في الذات والصفات ﴿تقديراً *﴾ أي على مقادير الاحتياج من غير زيادة ولا نقص لأن ما أراد كل منها كان، لا كلفة ولا كدر ولا نقص.
ولما ذكر الأكواب، أتبعها غايتها فقال تخصيصاً بالعطف على ما تقديره: يسقون فيها ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم: ﴿ويسقون﴾ ممن أرادوه من خدمهم الذين لا يحصون كثرة ﴿فيها﴾ أي الجنة أو تلك الأكواب ﴿كأساً﴾ أي خمراً في إناء ﴿كان مزاجها﴾ على غاية الإحكام ﴿زنجبيلاً *﴾ هو في غاية اللذة، وكانت العرب تستلذ الشراب الممزوج به لهضمه وتطييبه الطعم والنكهة.
ولما كان الزنجبيل عندنا شجراً يحتاج في تناوله إلى علاج، أبان أنه هناك عين لا يحتاج في صيرورته زنجبيلاً إلى أن تحيله الأرض بتخميره فيها حتى يصير شجراً ليتحول عن طعم الماء إلى طعم الزنجبيل خرقاً للعوائد