غش ولا وسواس، ولا يريدون إلا ما يرضي مليكهم مما أسس على غاية الحكمة وفاق كامل وسجايا مطهرة وأخلاق مصطفاة لا عوج فيها، ولا يستحيل شيء من شرابهم إلى نجاسة من بول ولا غيره، بل يصير رشحاً كرشح المسك ويعطي الرجل شهوة مائة رجل في الأكل وغيره، فإذا أكل شرب فطهر باطنه ورشح منه المسك فعادت الشهوة، بل الحديث يدل على أن شهوتهم لا تنقضي أصلاً فإنه قال:
«يجد لآخر لقمة من اللذة ما يجد لأولها» يفعل بهم هذا سبحانه قائلاً لهم مؤكداً تسكيناً لقلوبهم لئلا يظنون أن ما هم فيه على وجه الضيافة ونحوها فيظنوا انقطاعه ﴿إن هذا﴾ أي الذي تقدم من الثواب كله ﴿كان﴾ أي كوناً ثابتاً ﴿لكم﴾ بتكويني إياه من قبل موتكم ﴿جزاء﴾ أي على أعمالكم التي كنتم تجاهدون فيها أنفسكم عن هواها إلى ما يرضي ربكم فكنتم كلما عملتم عملاً كونت من هذا ما هو جزاء له ﴿وكان﴾ أي على وجه الثبات ﴿سعيكم﴾ ولما كان المقصود القبول لأن القابل الشاكر هو المعمول له، بني للمفعول قوله: ﴿مشكوراً *﴾ أي لا يضيع شيئاً منه ويجازى بأكثر منه أضعافاً مضاعفة.
ولما ذكر أنه بين للناس السبيل فانقسموا إلى مبصر شاكر وأعمى


الصفحة التالية
Icon