تعاطى ضد ذلك شفي وسمي شاكراً، ويكرهون الآخرة الآجلة ﴿ويذرون﴾ أي يتركون منها على حالة هي من أقبح ما يسوءهم إذا رأوه ﴿وراءهم﴾ أي أمامهم أي قدامهم على وجه الإحاطة بهم وهم عنه معرضون كما يعرض الإنسان عما وراءه، أو خلفهم لأنه يكون بعدهم لا بد أن يدركهم ﴿يوماً﴾ أي منها. ولما كان ما أعيا الإنسان وشق عليه ثقيلاً قال: ﴿ثقيلاً *﴾ أي شديداً جداً لا يطيقون حمل ما فيه من المصائب بسبب أنهم لا يعدون له عدته، فالآية من الاحتباك: ذكر الحب والعاجلة أولاً دلالة على ضدهما ثانياً، والترك والثقل ثانياً دلالة على ضدهما أولاً، وسر ذلك أن ما ذكره أدل على سخافة العقل بعدم التأمل للعواقب.
ولما كان تركهم لليوم الثقيل على وجه التكذيب الذي هو أقبح الترك، وكان تكذيبهم لاعتقادهم عدم القدرة عليه قال دالاً على الإعادة بالابتداء من باب الأولى: ﴿نحن خلقناهم﴾، بما لنا من العظمة لا غيرنا ﴿وشددنا أسرهم﴾ أي قوينا وأتقنا ربط مفاصلهم الظاهرة والباطنة بالأعصاب على وجه الإحكام بعد كونهم نطفة أمشاجاً


الصفحة التالية
Icon