في غاية الضعف، وأصل الأسر، القد يشد به الأقتاب أو الربط والتوثيق، ولا شك أن من قدر على إنشاء شخص من نطفة قادر على أن يعيده كما كان لأن جسده الذي أنشأه إن كان محفوظاً فالأمر فيه واضح، وإن كان قد صار تراباً فإبداعه منه مثل إبداعه من النطفة، وأكثر ما فيه أن يكون كأبيه آدم عليه السلام بل هو أولى فإنه ترابه له أصل في الحياة بما كان حياً، وتراب آدم عليه السلام لم يكن له أصل قط في الحياة والإعادة أهون في مجاري عادات الخلق من الابتداء، ولذلك قال معبراً بأداة التحقق: ﴿وإذا شئنا﴾ أي بما لنا من العظمة أن نبدل ما نشاء من صفاتهم أو ذواتهم ﴿بدلنا أمثالهم﴾ أي بعد الموت في الخلقة وشدة الأسر ﴿تبديلاً *﴾ أو المعنى: جئنا بأمثالهم بدلاً منهم وخلائف لهم، أو يكون المراد - وهو أقعد - بالمثل الشخص أي بدلنا أشخاصهم لتصير بعد القوة إلى ضعف وبعد الطول إلى قصر وبعد البياض إلى سواد وغير ذلك من الصفات كما شوهد في بعض الأوقات في المسخ وغيره، وكل ذلك دال على تمام قدرتنا وشمول علمنا.
ولما كان هذا دليلاً عظيماً على القدرة على البعث مخزياً لهم، قال مؤكداً لإنكارهم عناداً: ﴿إن هذه﴾ أي الفعلة البدائية، أو المواعظ


الصفحة التالية
Icon