الكفار يكذبون بذلك، افتتح هذه بالإقسام على أن ذلك كائن فقال: ﴿والمرسلات﴾ أي من الرياح والملائكة ﴿عرفاً *﴾ أي لأجل إلقاء المعروف من القرآن والسنة وغير ذلك من الإحسان، ومن إلقاء الروح والبركة وتيسير الأمور في الأقوات وغيرها، أو حال كونها متتابعة متكاثرة بعضها في أثر بعض، من قول العرب: الناس إلى فلان عرف واحد - إذا توجهوا إليه فأكثروا، ويقال: جاؤوا عرفاً واحداً، وهم عليه كعرف الضبع - إذا تألبوا عليه.
ولما كان العصوف للعواصف يتعقب الهبوب، عطف بالفاء تعقيباً وتسبيباً فقال: ﴿فالعاصفات﴾ أي الشديدات من الرياح عقب هبوبها ومن الملائكة عقب شقها للهواء بما لها من كبر الأجسام والقوة على الإسراع التام ﴿عصفاً *﴾ أي عظيماً بما لها من النتائج الصالحة.
ولما كان نشر الرياح للسحاب متراخياً عن هبوبها ومتباطئاً في الثوران وكذا نشر الملائكة لأجنحتها كما يفعل الطائر القوي في طيرانه، عطف بالواو الصالحة للمعية والتعقب بمهلة وغيرها قوله: ﴿والناشرات﴾ أي للسحاب والأجنحة على وجه اللين في الجو وللشرائع التي تنشر العدل بين الناس ﴿نشراً *﴾ وإذا راجعت أول الذاريات ازددت في هذا بصيرة.