غاية الكلاية فإنه المتفرد بالقدرة عليها، ولا شيء أصلاً في يد غيره، فلا تهتم بشيء أصلاً، وليس ذلك بأن يترك الإنسان كل عمل، فإن ذلك طمع فارغ بل بالإجمال في طلب كل ما ندب الإنسان إلى طلبه، ليكون متوكلاً في السبب لا من دون سبب، فإنه يكون حينئذ كمن يطلب الولد من غير زوجة، وهو مخالف لحكمة هذه الدار المبنية على الأسباب، ولو لم يكن في إفراده بالوكالة إلا أنه يفارق الوكلاء بالعظمة والشرف والرفق من جميع الوجوه فإن وكيلك من الناس دونك وأنت تتوقع أن يكلمك كثيراً في مصالحك وربك أعظم العظماء وهو يأمرك أن تكلمه كثيراً في مصالحك وتسأله طويلاً ووكيلك من الناس - إذا حصّل مالك سألك الأجرة وهو سبحانه يوفر مالك ويعطيك الأجر، ووكيلك من الناس ينفق عليك من مالك وهو سبحانه يرزقك وينفق عليك من ماله، ومن تمسك بهذه الآية عاش حراً كريماً، ومات خالصاً شريفاً، ولقي الله تعالى عبداً صافياً مختاراً تقياً، ومن شرط الموحد أن يتوجه إلى الواحد ويقبل على الواحد ويبذل له نفسه عبودية ويأتمنه على نفسه ويفوض إليه أموره ويترك التدبير ويثق به ويركن إليه ويتذلل لربوبيته، ويتواضع لعظمته ويتزين ببهائه ويتخذه عدة لكل نائبة دنيا وآخرة.


الصفحة التالية
Icon