فيه بوجه، فإن ذا المروءة لا ينبغي له أن يدخل في أمر إلا وهو على بصيرة فكيف به إذا كان عظيماً فكيف به إذا تناهى عظمه فكيف به إذا كان أهم ما يهمه فإنه يتعين عليه أن يبحث عنه غاية البحث ويطلب فيه الأدلة ويفحص عن البراهين ويستوضح الحجج حتى يصير من أمره بعد علم اليقين إلى عين اليقين من حين يبلغ مبلغ الرجال إلى أن يموت فكيف إذا كان بحيث تتلى عليهم الأدلة وتجلى لديه قواطع الحجج وتجلب إليه البينات وهو يكابر فيه ويماري، ويعاند ويداري.
قال الإمام أبو جعفر بن الزبير: سورة النبأ أما مطلقها فمرتب على تساؤل واستفهام وقع منهم وكأنه وارد هنا في معرض العدول والالتفات، وأما قوله: ﴿كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون﴾ [النبأ: ٤ - ٥] فمناسب للوعيد المتكرر في قوله: ﴿ويل يومئذ للمكذبين﴾ [المرسلات: ١٩] وكأن قد قيل: سيعلمون عاقبة تكذيبهم، ثم أورد تعالى من جميل صنعه وما إذا اعتبره المعتبر علم أنه لم يخلق شيء منه عبثاً بل يعتبر به ويستوضح وجه الحكمة فيه، فعلم أنه لا بد من وقت ينكشف فيه الغطاء ويجازي الخلائق على نسبة من أحوالهم في الاعتبار والتدبر والخضوع لمن نصب مجموع


الصفحة التالية
Icon