ولما حقق لهم أمره تحقيق من هو على غاية الوثوق بما يقول، دل على ذلك بما لا يحتمل شكاً ولا وقفة أصلاً، فقال مقرراً لهم ومنكراً عليهم التساؤل بما ندب إليه من التأمل وقرر به من النظر في باهر آياته وغرائب مخلوقاته التي أبدعها من العدم دلالة تامة عظمية على كمال القدرة مع تمام الحكمة الموجب للقطع بكل ما نبهت عليه الرسل من الشرائع والبعث والجزاء بادئاً بما هم له أشد ملابسة وهو الظرف: ﴿ألم نجعل﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿الأرض مهاداً *﴾ أي فراشاً لكم موطئاً مذللاً يمكن الاستقرار عليه لتتصرفوا فيها كما شئتم ﴿والجبال﴾ أي تعرفون شدتها وعظمتها وعجزكم عن أقل شيء من أمورها ﴿أوتاداً *﴾ تثبتها كما أن البيت لا يثبت إلا بأوتاده، قال الأفوه الأودي:
والبيت لا يبتنى إلا له عمد | ولا عماد إذا لم ترس أوتاد |