وتفريغ ظاهره وباطنه لما هو مأمور به من الله سبحانه وتعالى من الإقبال على الله سبحانه، ففي الآية أن من اشتغل بعدوه وكله الله إلى نفسه، فكان ذلك كالمانع من أخذ الله له، فإذا توكل عليه فقد أزال ذلك المانع -.
ولما كان هذا منادياً بعذابهم، وكان وصفهم بالنعمة مفهماً لأنهم معتادون بالمآكل الطيبة، وكان منع اللذيذ من المآكل لمن اعتاده لا يبلغ في نكاية النفس بحد نكاية البدن إلاّ بعد تقدم إهانة، استأنف قوله بياناً لنوع ما أفهمه التهديد من مطلق العذاب، وأكد لأجل تكذيبهم: ﴿إن﴾ وأشار إلى شدة غرابته وجلالته وعظمته وخصوصيته وتحقق حضوره بقوله: ﴿لدينا﴾ دون عندنا ولما كان أشد ما على الإنسان منعه مما يريد من الانبساط به بالحركات، قال ذاكراً ما يضاد ما هم فيه من النعمة والعز: ﴿أنكالاً﴾ جمع نكل بالكسر وهو القيد الثقيل الذي لا يفك أبداً إهانة لهم لا خوفاً من فرارهم، جزاء على تقييدهم أنفسهم بالشهوات عن اتباع الداعي وإيساعهم في المشي في فضاء الأهوية. ولما كان ذلك - محرقاً للباطن أتبعه حريق الظاهر فقال: ﴿وجحيماً *﴾ أي ناراً حامية جداً شديدة الاتقاد بما كانوا


الصفحة التالية
Icon