﴿أحصيناه﴾ ولما كان الإحصاء موافقاً للكتابة في الضبط، أكد فعله بها فقال: ﴿كتاباً *﴾ فلا جائز أن نترك شيئاً من الأشياء بغير جزاء، ويمكن تنزيل الآية على الاحتباك وهو أحسن: دل فعل الإحصاء على حذف مصدره، وإثبات مصدر «كتب» عليه أي أحصيناه إحصاء وكتبناه كتاباً، وذلك الإحصاء والكتب لعدم الظلم.
ولما ذكر عذابه ووجه موافقته لجزائهم، سبب عن تكذيبهم ما يقال لهم بلسان الحال أو المقال إهانة وزيادة في الجزاء على طريق الالتفات المؤذن بشدة الخزي والغضب عليهم وكمال القدرة له سبحانه وتعالى فقال: ويجوز أن يكون سبباً عن مقدر بعد «كتاباً» نحو: ليجازيهم على كل شيء منه، قائلاً لهم على لسان الملائكة أو لسان الحال: ﴿فذوقوا﴾ أي من هذا العذاب في هذا الحال بسبب تكذيبكم بالحساب، وأكد ذوقهم في الاستقبال فقال: ﴿فلن نزيدكم﴾ أي شيئاً من الأشياء في وقت من الأوقات ﴿إلا عذاباً *﴾ فإن داركم ليس بها إلا الجحيم كما أن الجنة ليس بها إلا النعيم، فأفهم هذا أن حصول شيء لهم غير العذاب محال.


الصفحة التالية
Icon