ولما ذكر النساء ذكر الملائم لعشرتهن فقال: ﴿وكاساً﴾ أي من الخبر التي لا مثل لها في لذة الذوق ظاهراً وباطناً وكمال السرور وإنعاش القوى.
ولما كانت العادة جارية بأن الشراب الجيد يكون قليلاً، دل على كثرته دليلاً على جودته بقوله: ﴿دهاقاً *﴾ أي ممتلئة.
ولما كانت مجالس الخمر في الدنيا ممتلئة بما ينغصها من اللغو والكذب إلا عند من لا مروءة له فلا ينغصه القبيح، قال نافياً عنها ما يكدر لذة السمع: ﴿لا يسمعون فيها﴾ أي الجنة في وقت ما ﴿لغواً﴾ أي لغطاً يستحق أن يلغى لأنه ليس له معنىً أعم من أن يكون مهملاً ليس له معنى أصلاً، أو مستعملاً ليس له معنىً موجود في الخارج وإن قل، أو له معنى ولكنه لا يترتب به كبير فائدة. ولما انتفى الكذب بهذه الطريقة، وكان التكذيب أذى للمكذب، نفاه بقوله: ﴿ولا كذباً *﴾ فإن هذه الصيغة تقال على التكذيب ومطلق الكذب، فصار المعنى: ولا أذىً بمعارضة في القول، مع موافقة قراءة الكسائي بالتخفيف فإن معناها كذباً أو مكاذبة، وشدد في قراءة الجماعة لرشاقة اللفظ وموازنة «أعناباً وأتراباً» مع الإصابة لحلق المعنى من غير أدنى جور عن القصد ولا تكلف بوجه ما.


الصفحة التالية
Icon