خلق له ﴿ما سعى *﴾ أي عمل كله من خير وشر لأنه يراه في صحيفة أعماله، والإخبار عن تذكره منبهاً على ما في ذلك اليوم من الخطر لأن أحداً لا يعمل جهده في تذكره إلا لمحوج إلى ذلك وهو الحساب وتدوينه في صحيفة أعماله.
ولما أشار إلى الحساب ذكر ما بعده فقال: ﴿وبرزت﴾ أي أظهرت إظهاراً عظيماً، وبناه للمفعول لأن الهائل مطلق تبريزها لا كونه من معين، مع الدلالة على الخفة والسهولة لكونه على طريقة كلام القادرين ﴿الجحيم﴾ أي النار التي اشتد وقدها وحرها ﴿لمن يرى *﴾ أي كائناً من كان لأنه لا حائل بين أحد وبين رؤيتها، لكن الناجي لا يصرف بصره إليها فلا يراها كما قال تعالى: ﴿لا يسمعون حسيسها﴾ [الأنبياء: ١٠٢].
ولما كان جواب «إذا» كما مضى محذوفاً، وكان تقديره أن قسم الناس قسمين: قسم للجحيم وقسم للنعيم، قال تعالى مسبباً عنه مفصلاً: ﴿فأما من طغى *﴾ أي تجاوز الحد في العدوان فلم يخش مقام ربه، قال في القاموس: طغى: جاوز القدر وارتفع وطغى: غلا في الكفر وأسرف في المعاصي والظلم، والماء: ارتفع.
ولما كان الذي بعد حدود الله هو الدنيا، صرح به فقال: ﴿وآثر﴾ أي أكرم وقدم واختار ﴿الحياة الدنيا *﴾ بأن جعل أثر العاجلة