﴿ونهى النفس﴾ أي التي لها المنافسة ﴿عن الهوى﴾ أي كل ما تهواه فإنه لا يجر إلى خير لأن النار حفت بالشهوات، والشرع كله مبني على ما يخالف الطبع وما تهوى الأنفس، وذلك هو المحارم التي حفت بها النار فإنها بالشهوات، قال الرازي: والهوى هو الشهوة المذمومة المخالفة لأوامر الشرع. قال الجنيد: إذا خالفت النفس هواها صار داؤها دواءها، أي فأفاد ذلك أنه لم يؤثر الحياة الدنيا، فالآية من الاحتباك: أتى بطغى دليلاً على ضده ثانياً، وبالنهي عن الهوى ثانياً دلالة على إيثار الدنيا أولاً. ولما كان مقام ترغيب، ربط الجزاء بالعمل كما صنع في الترهيب فقال وأكد لأجل تكذيب الكفار: ﴿فإن الجنة﴾ أي البستان الجامع لكل ما يشتهي ﴿هي﴾ أي خاصة ﴿المأوى *﴾ أي له، لا يأوي إلى غيرها، وهذا حال المراقبين.
ولما قسمهم هذا التقسيم المفهم أن هذا شيء لا بد منه، استأنف ذكر استهزائهم تعجيباً منهم فقال: ﴿يسئلونك﴾ أي قريش على سبيل التجديد والاستمرار سؤال استهزاء وإنكار واستبعاد: ﴿عن الساعة﴾ أي البعث الآخر لكثرة ما تتوعدهم بها عن أمرنا. ولما كان السؤال عنها مبهماً