تحقق وقوعه فهو قريب، وذلك لا يناسب تعيين وقتها فإن من فيه أهلية الخشية لا يزيده إبهامها إلا خشية، وغيره لا يزيده ذلك إلا اجتراء وإجراماً، فما أرسلناك إلا للإنذار بها لا للإعلام بوقتها، فإن النافع الأول دون الثاني، ولست في شيء مما يصفونك به كذباً منهم لأنا ما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ولا أنت مبعوث لتحرير وقت الساعة وعلم عينه، وإنما قصره على من يخشى لأن غيره لا ينتفع بإنذاره، فكان كأنه لم يحصل له الإنذار، ولهذا المعنى أضاف إشارة إلى أنه عريق في إنذار من يخشى، وأما غيره فهو منذر له في الجملة أي يحصل له صورة الإنذار لأنه منذره بمعنى أنه لا يحصل له معنى الإنذار.
ولما أثبت أنه منذر، وكان أخوف الإنذار الإسراع، قال مستأنفاً محقراً لهم الدنيا مزهداً لهم فيها: ﴿كأنهم﴾ أي هؤلاء المنكرين لصحة الإنذار بها ﴿يوم يرونها﴾ أي يعلمون قيامها علماً هو كالرؤية ويرون ما يحدث فيها بعد سماع الصيحة وقيامهم من القبور من علمهم بما مر من زمانهم وما يأتي منه ﴿لم يلبثوا﴾ أي في الدنيا وفي القبور ﴿إلا عشية﴾ أي من الزوال إلى غروب الشمس.
ولما كانوا على غير ثقة من شيء مما يقولونه قال: ﴿أو ضحاها *﴾ أي ضحى عشية من العشايا