على أدنى الوجوه المخرجة من الكفر فإن الخير لا يحقر شيء منه، وسبب عن تزكيه وتذكره قوله: ﴿فتنفعه﴾ أي عقب تذكره وسببه ﴿الذكرى *﴾ وفي ذلك إيماء إلى أن الإعراض كان لتزكية غيره وتذكره، وقراءة النصب على أنه جواب «لعل».
ولما ذكر العبوس والتولي عنه فأفهما ضدهما لمن كان مقبلاً عليهم، بين ذلك فقال: ﴿أما من استغنى *﴾ أي طلب الغنى وهو المال والثروة فوجده وإن لم يخش ولم يجىء إليك ﴿فأنت له﴾ أي دون الأعمى ﴿تصدى *﴾ أي تتعرض بالإقبال عليه والاجتهاد في وعظه رجاء إسلامه وإسلام أتباعه بإسلامه وهم عتبة بن ربيعة وأبو جهل وأبي وأمية ابنا خلف، وأشار حذف تاء التفعل في قراءة الجماعة وإدغامها في قراءة نافع وابن كثير إلى أن ذلك كان على وجه خفيف كما هي عادة العقلاء.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما قال سبحانه ﴿إن في ذلك لعبرة لمن يخشى﴾ [النازعات: ٢٦] وقال بعد ﴿إنما أنت منذر من يخشاها﴾ [النازعات: ٤٥] افتتحت هذه السورة الأخرى بمثال يكشف عن المقصود من حال أهل التذكر والخشية وجميل الاعتناء الرباني بهم وأنهم وإن كانوا في دنياهم ذوي خمول لا يؤبه لهم فهم عنده سبحانه في عداد من اختاره لعبادته