وفي الآفاق، ليس فيه شيء إلا وهم يعرفونه لو أقبلوا بكليتهم عليه، فما على المذكر بها غير البلاغ، فمن أقبل عليه فأهلاً وسهلاً، ومن أعرض فبعداً له وسحقاً.
ولما كان سبحانه قد خلق للإنسان عقلاً واختياراً، ويسر أمر القرآن في الحفظ والفهم لمن أقبل عليه، سبب عن ذلك قوله: ﴿فمن شاء﴾ أي ذكره بعد مشيئة الله تعالى كما تقدم تقييده في القرآن غير مرة ﴿ذكره *﴾ أي حفظ القرآن كله وتذكر ما فيه من الوعظ من غير تكرير ولا معالجة تحوج إلى الإعراض عن بعض المقبلين الراغبين، وللإشارة إلى حفظه كله ذكر الضمير.
ولما كان التقدير: حال كون القرآن مثبتاً أو حال كون الذاكر له مثبتاً، قال واصفاً لتذكرة مبيناً لشرفها بتشريف ظرفها وظرف ظرفها ﴿في صحف﴾ أي أشياء يكتب فيها من الورق وغيره ﴿مكرمة *﴾ أي مكررة التكريم ومعظمة في السماء والأرض في كل أمة وكل ملة ﴿مرفوعة﴾ أي عليه المقدار بإعلاء كل أحد لا سيما من له الأمر كله ﴿مطهرة *﴾ أي منزهة عن أيدي أهل السفول وعن قولهم