ولما ذكر هذه الأشياء من الأقوات والفواكه لكثرة منافعها، وكانت البساتين تجمعها وغيرها مع ما لها من بهجة العين وسرور النفس وبسط الخاطر وشرح القلب قال: ﴿وحدائق﴾ جمع حديقة وهي الروضة ذات النخل والشجر، أو كل ما أحاط به البناء وهي تجمع ذلك كله ﴿غلباً *﴾ جمع غلباء - بفتح الغين والمد، وهي الحديقة ذات أشجار كثيرة عظام غلاظ طوال ملتفة الأغصان متكاثرة، مستعار من وصف الرقاب، يقال: غلب فلان - كفرح أي غلظ عنقه، والغلباء أيضاً من القبائل العزيزة الممتنعة، ومن الهضاب المشرفة.
ولما ذكر ما يتفكه ويدخر جمع فقال: ﴿وفاكهة﴾ أي ثمرة رطبة يتفكه بها كالخوخ والعنب والتين والتفاح والكمثرى والبرقوق مما يمكن أن يصلح فيدخر ومما لا يمكن. ولما ذكر فاكهة الناس، ذكر فاكهة بقية الحيوان فقال: ﴿وأبّاً *﴾ أي ومرعىً ونباتاً وعشباً وكلأ ما دام رطباً يقصد، من أب الشيء - إذا أمه.
ولما جمع ما يقتات وما يتفكه، فدل دلالة واضحة على تمام القدرة، ذكر بالنعمة فيه قارعاً بأسلوب الخطاب لتعميم الأفراد بعد سياق


الصفحة التالية
Icon