ودل على عظمة القدرة بالبناء للمفعول فقال: ﴿سيرت *﴾ أي وقع تسييرها بوجه الأرض فصارت كأنها السحاب في السير والهباء في النثر لتستوي الأرض فتكون قاعاً صفصفاً لا عوج فيها، لأن ذلك اليوم لا يقبل العوج في شيء من الأشياء بوجه.
ولما ذكر أعلام الجماد، أتبعه أعلام الحيوان النافع الذي هو أعز أموال العرب وأغلبها على وجه دل على عظم الهول فقال: ﴿وإذا العشار﴾ أي النوق التي أتى على حملها عشرة أشهر، جمع عشراء مثل نفساء، وهي أحب أموال العرب إليهم وأنفسها عندهم لأنها تجمع اللحم والظهر واللبن والوبر، «روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر في أصحابه بعشار من النوق حفّل، فأعرض عنها وغض بصره فقيل له: يا رسول الله! هذا أنفس أموالنا، لم لا تنظر إليها؟ فقال: قد نهاني الله عن ذلك، ثم تلا ﴿ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا﴾ [طه: ١٣١] الآية» ولا يزال ذلك اسمها حتى تضع لتمام السنة ﴿عطلت *﴾ أي تركت مهملة كأنه لا صاحب لها مع أنها أنفس أموالهم، فكانت إذا بلغت ذلك أحسنت إليها وأعزتها واشتد إقبالها عليها: وقالت: جاء خيرها من ولد ولبن، لأن الأمر، لاشتغال كل أحد بنفسه، أهول من أن يلتفت أحد إلى شيء وإن عز.
ولما ذكر المقرعات الدالات على إرادة أمر عظيم، قرب ذلك