من الحر ما يذيب الأكباد.
ولما ذكر من الآيات العلوية من عالم الملك اثنين ومن السفلية أربعة، فأفهم جميع الخلق أن الأمر في غاية الخطر فتشوفت النفوس إلى ما يفعل، قال ذاكراً لما أراد من عالم الغيب والملكوت، وهو أمور ستة على عدد ما مضى من عالم الملك والشهادة ترغيباً في الأعمال الصالحة والقرناء الصالحين لئلا يزوج بما يسوءه وابتدأ بما يناسب تكوير الشمس: ﴿وإذا النفوس﴾ أي من كل ذي نفس من الناس وغيرهم ﴿زوجت *﴾ أي قرنت بأبدانها وجمع كل من الخلق إلى ما كانت نفسه تألفه وتنزع إليه، فكانوا أصنافاً كما قال تعالى
﴿احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله﴾ [الصافات: ٢٢، ٢٣] والتفاف الأزواج كالتفاف الشمس حتى يذهب نورها.
ولما صرح الأمر فكانت القلوب أحر من الجمر، ذكر ما هو المقصود الأعظم وهو السؤال على وجه يفهم العموم فقال: ﴿وإذا الموءودة﴾ أي ما دفن من الأولاد حياً بعد الولادة أو حصل تسبب في قتله قبل الولادة بدواء ونحوه، سميت موءودة لما يوضع عليها من التراب


الصفحة التالية
Icon