الصاخة يوم يفر المرء من أخيه} [عبس: ٣٣ - ٣٤] الآيات إلى آخر السورة، كان مظنة لاستفهام السائل عن الوقوع متى يكون؟ فقال تعالى: ﴿إذا الشمس كورت﴾ [التكوير: ١] ووقوع تكوير الشمس وانكدار النجوم وتسيير الجبال وتعطيل العشار كل ذلك متقدم على فرار المرء من أخيه وأمه وأبيه - إلى ما ذكر إلى آخر السورة لاتصال ما ذكر في مطلع سورة التكوير بقيام الساعة، فيصح أن يكون أمارة للأول وعلماً عليه - انتهى.
ولما كان السياق للترهيب، وكان الأليق بآخر عبس أن يكون للكفرة، وكان أعظم ما يحضره الكفرة من أعمالهم بعد الشرك التكذيب بالحق، وأعظمه التكذيب بالقرآن، وذلك التكذيب هو الذي جمع الخزي كله للمكذب به في قوله ﴿قتل الإنسان ما أكفره﴾ [عبس: ١٧] الذي السياق كله له، وإنما استحق المكذب به ذلك لأن التكذيب به يوقع في كل حرج مع أنه لا شيء أظهر منه في أنه كلام الله لما له من الرونق والجمع للحكم والأحكام والمعارف التي لا يقدر على جمعها على ذلك الوجه وترتيبها ذلك الترتيب إلا الله، ثم وراء ذلك كله أنه معجز، سبب عن هذا التهديد قوله مقسماً بما دل على عظيم قدر المقسم عليه بترك الإقسام بأشياء هي من الإجلال والإعظام في أسنى مقام: ﴿فلا أقسم﴾ أي لأجل حقية القرآن لأن الأمر فيه غنىً عن قسم لشدة ظهوره وانتشار نوره، ولذلك أشار إلى عيوب تلحق هذه


الصفحة التالية
Icon