إلى وراء والكنوس أن تأوي إلى مكانسها. وقال القشيري: إن ذلك غروبها، وإنما نفى الإقسام بها لأنها وإن كانت عظيمة في أنفسها بما ناط بها سبحانه من المصالح وأنتم تعظمونها وتغلون فيها لأن فيها نقائص الغيبوبة وانبهار النور، والقرآن المقسم لأجله منزه عن ذلك، بل هو الغالب على كل ما سواه من الكلام غلبة هي أعظم من غلبة ضياء الشمس لنور ما سواها من الكواكب، فلذلك لا يليق أن يقسم بها لأجله.
ولما ذكر غيابها ففهم منه محله وهو النهار، ذكر محل ظهورها فأفهم الظهور فقال: ﴿والّيل﴾ أي الذي هو محل ظهور النجوم وزوال خنوسها وذهاب كنوسها ﴿إذا عسعس *﴾ أي أقبل ظلامه، واعتكر سواده وقتامه، فظهرت الكواكب زهراً منثوراً في بيداء تلك الغياهب، فإن فيه نقصاناً بالظلام وغير ذلك من الأحكام، وقيل: معناه أدبر، وقيل: أظلم، وقيل: انتصف، وقيل: انقضى، وسعسع بمعناه فهو ما لا يستحيل بالانعكاس، والآية من الاحتباك: ذكر خنوس الكواكب وكنوسها أولاً يفهم ظهورها ثانياً، وذكر الليل ثانياً يفهم حذف النهار أولاً.


الصفحة التالية
Icon