وذلك ببيان منزلته عند الله ووجاهته وبيان قدره ونفوذ كلمته فقال: ﴿كريم *﴾ أي انتفت عنه وجوه المذام كلها وثبتت له وجوه المحامد كلها، فهو جواد شريف النفس ظاهر عليه معالي الأخلاق بريء من أن يلم شيء من اللوم بساحته، فلذلك هو يفيض الخيرات بإذن ربه على من أمر به العالمين، فيؤدي ما أرسل به كما هو لقيامه بالرسالة قيام الكرام فلم يغير فيها شيئاً أصلاً ولا فرط حتى يمكن غيره أن يحرف أو يغير، والكرم اجتماع كمالات الشيء اللائقة به.
ولما اقتضى هذا القوة، صرح به تأكيداً فقال: ﴿ذي قوة﴾ أي على ضبط ما أرسل به بنفسه وعلى المدافعة للغير عن أن يدخل فيه شيئاً من نقص، وأكد القوة بقوله: ﴿عند ذي العرش﴾ أي الملك الأعلى المحيط عرشه بجميع الأكوان الذي لا عندية في الحقيقة إلا له ﴿مكين *﴾ أي بالغ المكنة عنده عظيم المنزلة جداً بليغ فيها فهو بحيث لا يتأتى منه تفريط ما في إبلاغ شيء مما أرسل به لأنه لا يغيره الأحوال ولا يعمل فيه تضاد الشهوات، لأنه لا شهوة له إلاّ ما يأمر به مرسله سبحانه وتعالى.