الأركان: ﴿يا أيها الإنسان﴾ أي البشر الآنس بنفسه الناسي لما يعنيه ﴿ما غرك﴾ أي أدخلك في الغرة، وهي أن ترى فعلك القبيح حسناً أو ترى أنه يعفى عنك لا محالة، وذلك بمعنى قراءة سعيد بن جبير والأعمش: أغرك - بهمزة الإنكار، وتزيد المشهورة معنى التعجب ﴿بربك﴾ أي المحسن إليك الذي أنساك إحسانه ما خلقت له من خلاص نفسك بعمل ما شرعه لك.
ولما كان التعبير بالرب مع دلالته على الإحسان يدل على الانتقام عند الإمعان في الإجرام لأن ذلك شأن المربي، فكان ذلك مانعاً من الاغترار لمن تأمل، أتبعه ما هو كذلك أيضاً ظاهره لطف وباطنه جبروت وقهر، فقال للمبالغة في المنع عن الاغترار، ﴿الكريم *﴾ أي الذي له الكمال كله المقتضي لئلا يهمل الظالم بل يمهله، ولا يسوي بين المحسن والمسيء والموالي والمعادي والمطيع والعاصي، المقتضي لأن يبالغ في التقرب إليه بالطاعة شكراً له، وأن لا يعرض أحد عنه لأن بيده كل شيء ولا شيء بيد غيره، فيجب أن يخشى شدة بطشه لأنه كذلك يكون المتصف بالكرم لا يكون إلا عزيزاً، فإنه يكون شديد الحلم عظيم السطوة عند انتهاك حرمته بعد ذلك الحلم فإنه يجد أعواناً كثيرة على مراده، ولا يجد المعاقب عذراً في تقصيره بخلاف اللئيم