لهم ديدناً، وهذا الفعل يتعدى بمن وعلى، يقال: اكتال من الرجل وعليه، ويجوز أن يكون اختيار التعبير بعلى هنا مع ما تقدم للإشارة إلى أنهم إذا كان لهم نوع علو بأن كان المكتال منه ضعيفاً خانوه فيكون أمرهم دائراً على الرذالة وسفول الهمة التي لا أسفل منها ﴿يستوفون *﴾ أي يوجدون لأنفسهم الوفاء وهو تمام الكيل بغاية الرغبة والمبالغة في الملء، فكأنه ذكر «اكتالوا» ولم يذكر «اتزنوا» لأنه لا يتأتى في الوزن من المعالجة ما يتأتى في الكيل، ولأنهم يتمكنون في الاكتيال من المبالغة في استيفاء المؤدي إلى الزيادة ما لا يتمكنون من مثله في الاتزان، وهذا بخلاف الإخسار فإن التمكن بسببه حاصل في الموضعين فلذلك ذكرهما فيه.
ولما أفهم تقديم الجار الاختصاص فأفهم أنهم إذا فعلوا من أنفسهم لا يكون كذلك، صرح به فقال: ﴿وإذا كالوهم﴾ أي كالوا الناس أي حقهم أي ما لهم من الحق ﴿أو وزنوهم﴾ أي وزنوا ما عليهم له من الحق، يقال: اكتال من الرجل وعليه وكال له الطعام وكاله الطعام، ووزنت الرجل الشيء ووزنت له الشيء، ولعله سبحانه اختار «على» في الأول والمعدى إلى اثنين في الثاني لأنه أدل على


الصفحة التالية
Icon