أي بما لكم من الجبلات الخبيثة ﴿به﴾ أي خاصة لأن تكذيبكم بغيره بالنسبة إليه لما له من القباحة ولكم من الرسوخ فيه والملازمة له (؟) ﴿تكذبون *﴾ أي توقعون التكذيب به وتجددونه مستمرين عليه.
ولما كان هذا ربما أفهم أنهم يرون جميع عذابهم إذ ذاك، نفاه بقوله: ﴿كلا﴾ أي ليس هو المجموع بل هو فرد من الجنس فلهذا عمل عليه الجنس وهو نزلهم والأمر أطم وأعظم من أن يحيط به الوصف. ولما ذكر ما للمكذبين من العذاب الذي جره إليهم إقبالهم على الدنيا بادئاً به لأن المقام من أول السورة للوعيد وصوادع التهديد، أتبعه ما للمصدقين الذين أقبل بهم إلى السعادة ترك الحظوظ وإعراضهم عن عاجل شهوات الدنيا، فقال مؤكداً لأجل تكذيبهم: ﴿إن كتاب الأبرار﴾ أي صحيفة حسنات الذين هم في غاية الاتساع في شرح صدورهم، واتساع عقولهم وكثرة أعمالهم وزكائها وغير ذلك من محاسن أمورهم ﴿لفي علييّن *﴾ أي أماكن منسوبة إلى العلو، وقع النسب أولاً إلى فعليّ ثم جمع وإن كان لا واحد له من لفظه كعشرين وأخواته، قال الكسائي: إذا جمعت العرب ما لا يذهبون فيه إلى أن له بناء من واحد واثنين فإنهم يجمعون بالواو والنون في المذكر والمؤنث - انتهى، فهي درجات متصاعدة تصعد إلى الله ولا تحجب


الصفحة التالية
Icon