عنه كما يحجب ما للأشقياء بعضها فوق بعض إلى ما لا نهاية له بحسب رتب الأعمال، وكل من كان كتابه من الأبرار في مكان لحق به كما أن من كان كتابه من الفجار في سجين لحق به، قال الرازي في اللوامع: من ترقى علمه عن الحواس والأوهام وفعله عن مقتضى الشهوة والغضب فهو حقيق بأن يكون عليّاً، ومن كان علمه وإدراكه مقصوراً على الحواس والخيال والأوهام وفعله على مقتضى الشهوات البهيمية فهو حقيق بأن يكون في سجين.
ولما كان هذا أمراً عظيماً، زاد في تعظيمه بقوله: ﴿وما﴾ أي وأي شيء ﴿أدراك﴾ أي جعلك دارياً وإن بالغت في الفحص ﴿ما علّيون *﴾ فإن وصفه لا تسعه العقول ويلزمه لعلوه فضاء مطلق واتساع مبين. ولما عظم المكان فعلمت عظمة الكتاب، ابتدأ الإخبار عنه على سبيل القطع زيادة في عظمته فقال: ﴿كتاب﴾ أي عظيم ﴿مرقوم *﴾ أي فيه أن فلاناً أمن من النار فيا له من رقم ما أحسنه وما أبهاه وما أجمله.
ولما عظمه في نفسه وفي مكانه، عظمه في حضّاره فقال: ﴿يشهده المقربون *﴾ أي يحضره حضوراً تاماً دائماً لا غيبة فيه الجماعة


الصفحة التالية
Icon