الذي أعد له منه بمنزله في الدنيا. ولما كانت السعادة في حصور السرور من غير قيد، بنى للمفعول قوله: ﴿مسروراً *﴾ أي قد أوتي جنة وحريراً، فإنه كان في الدنيا في أهله مشفقاً من العرض على الله مغموماً مضروراً يحاسب نفسه بكرة وعشياً حساباً عسيراً مع ما هو فيه من نكد الأهل وضيق العيش وشرور المخالفين، فذكر هنا الثمرة والمسبب لأنها المقصودة بالذات، وفي الشق الآخر السبب والأصل، وقد استشكلت الصديقة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هذه الآية بما «روي عنها في الصحيح بلفظين أحدهما» ليس أحد يحاسب إلا هلك «والثاني» من نوقش الحساب عذب «قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت: يا رسول الله! أليس الله يقول ﴿فأما من أوتي كتابه﴾ [الانشقاق: ٨] الآية، فقال: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما ذلك العرض» فإن كان اللفظ الأول هو الذي سمعته فالإشكال فيه واضح، وذلك أنه يرجع إلى كلية موجبة هي «كل من حوسب هلك» والآية مرجع إلى جزئية سالبة وهي «بعض من يحاسب لا يهلك» وهو نقيض، وحينئذ يكون اللفظ الثاني من تصرف الرواة، وإن كان الثاني هو الذي سمعته فطريق تقدير الإشكال فيه أن يقال: المناقشة في اللغة من الاستقصاء وهو بلوغ الغاية، وذلك في الحساب