الغم ومحاسبة النفس في الأول، فهو احتباك في احتباك، ثم علل ثبات سروره فقال مؤكداً تنبيهاً أيضاً على أنه لا يصدق أن أحداً ينكر البعث مع ما له من الدلائل التي تفوت الحصر: ﴿إنه ظن﴾ لضعف نظره ﴿أن﴾ أي أنه ﴿لن يحور *﴾ أي يرجع إلى ربه أو ينقص أو يهلك
﴿وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلاّ الدهر﴾ [الجاثية: ٢٤] فلهذا كان يعمل عمل من لا يخاف عاقبة ﴿بلى﴾ ليرجعن صاغراً ناقصاً هالكاً، ثم علل ذلك بقوله مؤكداً لأجل من ينكر: ﴿إن ربه﴾ أي الذي ابتدأ إنشاءه ورباه ﴿كان﴾ أزلاً وأبداً ﴿به﴾ أي هذا الشقي في إعادته كما كان في ابتدائه وفي جميع أعماله وأحواله التي لا يجوز في عدل عادل ترك الحساب عليها ﴿بصيراً *﴾ أي ناظراً له وعالماً به أبلغ نظر وأكمل علم، فتركه مهملاً مع العلم بأعماله مناف للحكمة والعدل والملك، فهو شيء لا يمكن في العقل بوجه.
ولما أخبر سبحانه بإنكاره لما أتاه به الرسل من الحشر على وجه موضح للدليل على بطلان إنكاره ولم يرجع، سبب عنه الإقسام على صحة ذلك لأنه ليس عند النذير الناصح الشفوق بعد إقامة الأدلة إلاّ


الصفحة التالية
Icon