وأسهله من كل لاعن لعناً لا فلاح معه، ووقع في الدنيا أنه قتل حقيقة ﴿أصحاب الأخدود *﴾ أي الخد العظيم، وهو الشق المستطيل في الأرض كالنهر، روي أن ملكاً من الكفار - وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان من حمير - من ملوك اليمن، وكان قبل مولد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبعين سنة، آمن في زمانه ناس كثير، فخدّ لهم أخدوداً في الأرض وسجره ناراً وعرض من آمن عليه، فمن رجع عن دينه تركه، ومن ثبت - وهم الأغلب - قذفه في ذلك الأخدود فأحرقه.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: وردت هذه السورة في معرض الالتفات والعدول إلى إخبار نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما تضمنته هذه السورة من قصة أصحاب الأخدود، وقد تقدم هذا الضرب في سورة المجادلة وسورة النبأ، وبينا وقوعه في أنفس السور ومتونها وهو أقرب فيما بين السورتين وأوضح - أنتهى.
ولما ذمهم سبحانه وتعالى، بين وجه ذمهم ببدل اشتمال من أخدودهم فقال: ﴿النار﴾ أي العظيمة التي صنعوها لعذاب أوليائنا، وزاد في تعظيمها بقوله: ﴿ذات الوقود *﴾ أي الشيء الذي نوقد به من كل ما يصلح لذلك من الحطب وغيره، وعلق ب «قتل» قوله: ﴿إذ هم﴾ أي بظواهرهم وضمائرهم ﴿عليها﴾ أي على جوانب أخدودها


الصفحة التالية
Icon